آخر الأخبار
الثلاثاء 22 أبريل 2025

يرى المتتبع  للتاريخ اثناء الحقبة التي تزامنت مع دخول المستعمر الفرنسي ان الواجب الديني و الثقافي والوطني كان ملحا داعيا كل من كانت له غيرة على دينه و لغته ووطنه للعمل و المشاركة الفعالة لاحياء هذه الفئة من الزوايا العلمية في ربوع هذا البلد (الجزائر) تلك الزوايا التي قاومت الحركة التبشيرية الهدامة طيلة 132 سنة من الاحتلال الفرنسي. كذلك هي الزوايا التي صمدت في وجه الغزو الفرنسي منذ 1871 اثناء المقاومات الشعبية ومراحلها الى غاية ثورة التحرير المجيدة سنة 1954 و التي حاولت فرنسا من خلال هذا الاستعمار الهيمنة به على عقولنا و تغريب هويتنا واحتلال فكرنا كما حاول المستعمر ابعادنا عن الاسلام و القضاء على لغتنا العريبة لغة كتاب الله .
فكان دور الزوايا بالمرصاد في تعليمها للدين وعلومه ونشره عبر القرى و المداشر لغرسه في فسائل الشباب و الشابات ليكونا درع وجدار منيع في وجه الاستعمار الغاشم ومن هذه الزوايا زاوية الشيخ الحواس الهرباجي باولاد سي احمد او
ما يسمى آنذاك ريغى الظهارة
كانت زاوية الشيخ الحواس درعا منيعا في جنوب ولاية سطيف حيث قاومت زحف التنصير و التبشير اثناء المقاومات الشعبية الى جانب ابطالها . الامير عبد القادر الشيخ المقراني و الشيخ الحداد كما دأبت زاوية الشيخ الحواس في تحذير القرى و المداشر من هذا المستعمر الفرنسي الذي قال الله فيه في الاية 55من سورة الانفال /(ان شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون ) ان زاوية الشيخ الحواس فرت الى الله ولم تستعن الا به فالتجأت الى كتابه وتمسكت بشريعته فقابلت كل دعوة غير اسلامية بالرفض و قالت لا للفرنسية و التغريب لا للإندماج و التجنس و لا للتبعية و التقليد فكانت هذه الزاوية منارة في احدى جبال وطننا الشاسع (عين الديسة اولاد سي احمد) و منبع من منابع ثقافنتا الاسلامية و حصن من حصون لغتنا العريبة في ذلك الزمن بأيامه و لياليه الحالكة …
كما ان زاوية الشيخ الحواس انطلقت بقيادته للجهاد و حمل راية التحرير تصارع الوحوش الضارية والمفترسة وقد توبع من طرف المستعمر الفرنسي فتحصن لسنوات بجبال منطقة اولاد تبان .ثم عاد الى زاويته حيث زاول تدريس القرآن و علومه .و في عام 1890 وافته المنية بجبل طور سينا بمصر اثناء عودته من تأدية مناسك الحج فدفن هناك
ثم خلفه ابنه الاكبر الشيخ محمد الطيب هرباجي في اوائل ثورة التحرير المجيدة مع خيرة رجال ذلك العصر فتقاسم مهام الدفاع و الذود على الهوية الوطنية و الدين كقطبين بين مشرق و مغرب فكانت زاوية الشيخ الحواس غربا و بزغ نور جمعية العلماء المسلمين شرقا على رأسها العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس و الشيخ محمد البشير الابراهيمي فكان التزاوج صوفيا و علميا فأثمر بنفحات ريح الاستقلال
فما عسانا نقدم نحن جيل الاستقلال اليوم كعرفان لهم بهذه التضحيات . وان لم نضف شيْ نرجوا الحفاظ على ما تبقى لنا من هذا التاريخ المجيد . كنتم شموع انرتم لنا درب الفكر و الدين و الانتماء فلولاكم لكنا نتعثر بأذيالنا في دياجير الجهل و سراديب العبودية

منقول من صفحة عين ولمان الجوهرة: بتصرف